[center]جاء في مصادر عدة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من أفكه الناس، وكان قليل الضحك. ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أنا أمزح ولا أقول إلا صدقا ".
أما حديث: "كثرة الضحك تميت القلب" فهو لا يحذر من الضحك بذاته بل من كثرته والإغراق والاستغراق فيه، أي من أن يجعل المرء حياته كلها لهواً ولعباً وضحكاً وانشغالاً عن أموره الجادة .
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: " روحوا القلوب، واطلبوا لها طرف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان".
وقال أسامة بن زيد: " روحوا القلوب تعي الذكر "...
ومن أشهر من كتب في المجال نجد الجاحظ ، وأبي حيان التوحيدي ، وابن الجوزي الذي اشتهر بكتاب "أخبار الحمقى والمغفلين".
مجالات الفكاهة ووظائفها:
بناء على ما سبق وبالنظر لواقع الحال وباعتبار التحديات التي تواجه الدعوة الإسلامية عامة فإن للفكاهة منافع عدة ووظائف جمة، إذ لا يستطيع غيرها أن ينوب عنها ، هذه الوظائف نوجزها فيما يلي :
- 1الوظيفة التربوية:
حيث أثبتت عدة دراسات حديثة أن الفكاهة تعمل على تحقيق تطهير جماعي للانفعالات السلبية المتراكمة بفعل أحداث الحياة اليومية كما أنها تعدّل عدة سلوكات سلبية عن طريق السخرية منها وإثارة الرأي حولها.
2- الوظيفة التواصلية:
حيث أن الضحك ييسر التفاعل بين الأفراد والجماعات، ويتحقق التواصل نتيجة تلطيف غضب الآخرين وتفادي هجومهم السلبي على الدعوة وجنودها، فيتحول ذلك إلى حالة إيجابية ونوع من المشاركة والمساهمة.
3- الوظيفة السياسية:
وذلك بفضح ونقد كل المؤسسات الاجتماعية والسياسية وإثارة الانتباه لبعض الأخطاء قصد التصحيح والتجاوز.
4- الوظيفة التبليغية:
بالفكاهة يمكن أن ننقل أفكاراً وآراء وتعريف الناس بها، وهم في حالة استماع وتتبع ذهني لا يتوفر أثناء الموعظة أو المحاضرة أو الندوة.
5- الوظيفة الترفيهية:
ترويح القلوب والنفوس، فالقلوب إذا كلت عميت كما جاء في الحديث الشريف، والدأب أو الاستمرار في الجد يجعل النفس تمل وتسأم، وبعض المباح من اللهو يجعلها تنجلي وتشرق حيث يتبدد التعب المتراكم بفعل استمرار العمل ومواصلة التفكير الجاد.
كيف تحقق الفكاهة وظائفها؟
إن الفكرة الأساس للفكاهة والضحك هي انتقاد النقص والحط من قيمته والسخرية منه سواء طال هذا النقص الأخلاق أو المؤسسات المدنية أو الأشخاص، إلا أن تبني هذه الفكرة على إطلاقها قد يؤثر على تحقيق بعض الوظائف والأهداف التي يسعى الفنان الداعية لبلوغها ومن أجل ذلك فلا بد من تقييد هذه الفكرة بما يجنبه السقوط في أحد المزالق التالية:
1. انتقاد خَلق الإنسان بدل خُلقه.
2. استعمال ألفاظ الشتم والسباب.
3. توظيف أسماء أشخاص أو أسماء هيئات بعينها.
4. تناول موضوعات مقدسة (الصوم، الصلاة...) أو أشخاص مرتبطين بها (أئمة، حجاج، فقهاء...).
5. الفكاهة العرقية وذلك بإثارة النزعة القبلية (أمازيغ / عرب..).
6. الارتجال والارتباك أثناء العرض.
7. عدم القدرة على التفاعل وإثارة انتباه الجمهور.
نعرض هذه الضوابط الأولية التي نعتقد أن الالتزام بها –إن شاء الله- يساعد على تحقيق الأهداف المتوخاة :
*. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أمزح ولا أقول إلا صدقا". وقال الإمام الغزالي: "إن قدرت على ما قدر عليه رسول الله وأصحابه، وهو أن تمزح ولا تقول إلا حقا، ولا تؤذي قلبا ولا تفرط فيه، فلا حرج عليك فيه".
1. تجنب النكت والملح التي تتحدث عن المقدسات الدينية
2. تجنب الفكاهة العرقية القائمة على التمايز القومي
3. ضبط المادة الفنية سلفا قبل عرضها
4. التدرب على آليات التنشيط والاطلاع على كيفية إدارة وتنشيط المجموعات وأشكال الإلقاء.
5. التهمم الدائم بهموم الناس وقضايا الأمة وتتبع المجالات السياسية والاجتماعية والحقوقية.
6. الحفاظ على السمة الحسن شكلا وقولا وسلوكا دون أن يؤدي ذلك إلى التحجر والجمود.
وفيما يلي إليكم بعضا مما ورد عنه عليه الصلاة والسلام
لما عاد عليه الصلاة والسلام من إحدى غزواته أقبلت إليه امرأة تأخر زوجها عن عودته فسألته: أين زوجي يا رسول الله ؟ قال : ومن زجك ؟ قالت : فلان ، قال: أكان في عينه بياض ؟ قالت : لا ، فضحك عليه الصلاة والسلام .
ولو نتأمل قوله عليه الصلاة والسلام نجد أنه لا يوجد فينا من ليس في عينه بياض.
وأما عن فكاهة الصحابة رضوان الله عليهم فقد اخترت لكم هذه النادرة لحذيفة بن اليمان التي داعب بها عمر بن الخطاب ، فإليكموها :
حذيفة يداعب عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، روي عن سيدنا عمر ( رضي الله عنه ) أنه لقي حذيفة بن اليمان فقال له : كيف أصبحت يا حذيفة ؟ فقال: أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق وأصلي بغير وضوء ، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء . فغضب عمر غضبا شديدا ، فدخل علي ابن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) فقال له : يا أمير المؤمنين ، على وجهك أثر الغضب ! فاخبره عمر بما كان له مع حذيفة . فقال له : صدق يا عمر ، يحب الفتنة ، يعني المال والبنين ، لأن الله تعالى قال : "إنما أموالكم وأولادكم فتنة ". ويكره الحق ، يعني الموت. و يصلي بغير وضوء، يعني أنه يصلي على النبي بغير وضوء في كل وقت. وله في الأرض ما ليس لله في السماء ، له زوجة وولد وليس لله زوجة وولد . فقال عمر : أصبت وأحسنت يا أبا الحسن ، لقد أزلت ما في قلبي على حذيفة بن اليمان .
---------------------------------------------------------------
منقول عن الموسوعة العربية للكومبيوتر